كواليس صحراوية : بقلم / فيضل رشدي
يعتبر التاريخ مرآة تعكس الأحداث، وهي أحداث تذكر الناس لما لهم من صفات حسنة، وسمعة طيبة، ومكانة هامة في المجتمع، أولئك يخلدهم التاريخ بما قدموا لأهلهم وذويهم ومجتمعهم. هي صفات حميدة تذكر، فيها أخلاق نبيلة، وشيم أصيلة، تدل على معادن الناس؛ كل ما قلناه من صفات تنعكس على ضيفنا في هذا المقال، وحديثنا يا ساداتي الكرام عن الأب الفاضل والكريم “بوجخان أمبارك ابن حماد”، ينتمي لأب من قبيلة أيت لحسن أيت بومكوت ، ومن أم اسمها السالكة بنت الإمام ولد الخطاط تنتمي إلى قبيلة الشرفاء العروسيين.
تربى الأب الفاضل أمبارك بوجخان في بيئة صحراوية، رحل وهو بعد صغير السن إلى الشمال، وهناك عاش بين سهول سيدي يحيى الغرب والرباط ونواحيها. تشبع بقيم أهل الصحراء؛ من كرم وفضيلة ونخوة واعتزاز بالأصول.
والمعروف عن الأب أمبارك بوجخان تعلقه الشديد بأخواله الشرفاء العروسيين، وخاصة أن والدته كانت تعلمه مهنة الطب التقليدي، وعلى يديها الكريمتين تعلم أصول شفاء عدة أمراض كالصداع و الكسور وغيرها.
أما عن الكرم فالحديث عنه يطول ويطول، بل كان منزله قبلة لكل الضيوف القادمين من الجنوب، منزل خير وبركة، وعلى يديه كانت تقضى حوائج الناس.
لازال أهل الجنوب يتذكرون للرجل من فضائل ومن محاسن، ظل التاريخ يرددها إلى يومنا هذا، فمنزله في دوار الدوم بالرباط كان قبلة لكل الوافدين، وكان الطعام متوفرا فيه للضيوف ليلا نهارا، والغريب أنه كان يمتهن مهنة التجارة لكنها كانت تجارة ببركتها، لم يغلق بابه على أحد، كان بشوشا، طيبا، كريما، وتخاله من عالم أهل الله من سماحة الوجه وطيبة الأخلاق.
كان سفره إلى مدينة العيون في الأربعينات من القرن الماضي، ذكرى عطرة، حيث حل ضيفا على أخواله فأكرموا وفادته وألقوا شعرا بالحسانية( كيفان) بمقدمه وحلوله ضيفا عليهم. وتلك الكلمات لاتزال شاهدة عليه وعلى جوده وكرمه وطيبته والمعروف عن أهل الكرم يتركون أبناء يواصلون مشوار والدهم، فحفظ الحاجة السيدة “إيزة بوعمود” بحفظه الكريم، وحفظ الله أبناءه “محمد ومصطفى والسالكة وعمر والحسين”، وأنزل الله فيهم البركة التي تركها الله لهم ولوالدهم، الشخصية التي كتبت تاريخها بماء من ذهب، ويصدق فيه قول الشاعر العربي الكبير حاتم الطائي، إذ يقول
” أماوية إن المال غاد ورائح ويبقى من المال الأحاديث والذكر.
أماوية ما يغني الثراه عن الفتى إذا حشرجت نفس وضاق بها الصدر.
وإني آل بالمال صنيعة فأوله زاد وآخره ذخر”.
كذلك كان الأب الفاضل والكريم “أمبارك بوجخان” كريما ككرم حاتم الطائي، رحمة الله تعالى عليه وأسكنه الله فسيح جناته.
شهادة حق رجل طيب و بشوش كانت معاملته مع كل فرد من أفراد عائلتي طيبة و لطيفة بحكم القرابة العائلية التي تجمعنا به و بكل أفراد أسرته الطيبين. كان رحمه الله قيد حياته كريم و سموح و يحب الخير و المعروف و يكن الإحترام للجيران و الأصدقاء و العائلة….إلخ في الحقيقة آفتقدناه و آفتقدنا طيبوبته و بشاشته و مرحه حيث مازلنا نتذكره بها. اللهم آرحم الحاج أمبارك بوجخان و أسكنه فسيح جنانك و آجعل اللهم يارب قبره روضة من رياض الجنة بجوار الشهداء و الصديقين و الصالحين و حسن أولئك رفيقا إنه سميع مجيب الدعوات
الله يرحمه ويغفر له