كواليس صحراوية : بقلم / فيصل رشدي
يعتبر كتاب”مساهمات في التاريخ الاجتماعي لقبيلة الركيبات” للباحث الدكتور إعيش أبو الطيب، من بين أهم الكتب، التي تصدرت المشهد العلمي الأكاديمي في السنوات الأخيرة بالجنوب المغربي.
ولعل تميز هذا الكتاب يكمن في تسليطه الضوء على أحد أكبر قبائل الصحراء، والتي كان لها دور كبير في تحولات المجتمع الحساني البيظاني؛ وهذه القبيلة معروفة باسم: قبيلة الشرفاء الركيبات.
أما فيما يخص معلومات حول كتاب ” مساهمات في التاريخ الاجتماعي لقبيلة الركيبات” فهو يحتوي على مائة وتسعين صفحة، متضمنا أربعة فصول، تقديم الأستاذ محمد شرايمي، عن دار نشر بصمة بفاس، الطبعة الأولى، تاريخ النشر 2022.
كل فصل خصصه الباحث بعنوان؛ ففي الفصل الأول: تطرق الباحث إلى “تاريخ قبيلة الركيبات” تحدث فيه عن مفهوم القبيلة، من خلال رصد تعاريف لدى كل من ابن منظور ومؤسس علم العمران ابن خلدون إضافة إلى دارسين غربيين كجاك بيرك و روبير مونتاني وغيرهم. ثم تناول الباحث أيضا مولد الشيخ سيدي أحمد الركيبي، متوقفا عند أهم الروايات التي تحدثت عن الشيخ سيدي الركيبي وميلاده والوقوف على سيدي أحمد الركيبي الجد والابن والحفيد. وهنا فكك الباحث الروايات بطريقة علمية أكاديمية ليجعل القارئ يفكر بمنطق عقلاني يقبل الحقيقة، ومتبعا في ذلك مقولة ابن خلدون” ينبغي علينا إعمال العقل في الخبر”. ثم ينهي الباحث فصله الأول بنسب الشيخ سيدي أحمد الركيبي وعلاقته المباشرة بسيدي عبد السلام ابن مشيش و الأدارسة وآل البيت، بوضعه لشجرة تمتد من الشيخ سيدي أحمد الركيبي الحفيد إلى سيدنا علي ابن أبي طالب وفاطمة الزهراء رضي الله عنهما.
وينتقل الباحث في الفصل الثاني والمعنون ب” المجال الجغرافي لقبيلة الركيبات” ومتناولا تراب الركيبات الشاسعة، معتمدا في ذلك على آراء باحثين تطرقوا إلى هذا الموضوع. مبرزا تشكيلة القبائل المجاورة لركيبات كاتحادية تكنة التي تضم مجموعة قبائل. وكذلك قبائل أخرى منها من تربطها بقبيلة الركيبات علاقات تجارية أو جوار أو معاهدات حرب وسلم.
وفي الفصل الثالث والمعنون ب”التركيبة والتنظيم الاجتماعي لقبيلة الركيبات” تناول الباحث أبناء الشيخ سيدي أحمد الركيبي وأحفاده، من خلال وضعه لخطاطات توضيحية لكل أبناء الشيخ وأهم الزعامات التي تزعمت قبيلة الركيبات كمحمد ولد الخليل وإسماعيل ولد الباردي من عرش أولاد موسى، وأحمد حماد من عرش السواعد، والبطل المجاهد أعلي ولد ميارة من عرش التهالات.
وفي الفصل الرابع والأخير من هذا الكتاب بعنوان “التنظيم الاجتماعي لقبيلة الركيبات” يتناول فيه الباحث العرف وتأثيره على القبيلة، من خلال سريانه في ضبط الجماعة للأفراد وتصرفاتهم الخارجة عن إطار العرف المتعارف عليه. ورصد أيضا الباحث من خلال وضعه لجدول لكل جريمة وعقوبتها بالأعراف المحلية.
لقد وضع الباحث قانون القبيلة وأبرز دور الجماعة والشيخ في تنظيم حياة أبناء القبيلة، من خلال معاهداتها في السلم والحرب في الرخاء والشدة في الترحال والاستقرار.
و اختتم الباحث الفصل الرابع بحوليات حول أهم الأحداث التي وشمتها قبيلة الركيبات على امتداد السنوات.
هذا الكتاب يعد علامة بارزة في مجال البحث التاريخي، وشم به الباحث الدكتور إعيش أبو الطيب الدراسات الأكاديمية بخصوص تاريخ الصحراء وقبائلها، واضعا بذلك اللبنة الأساسية في هذا المسار، ومشجعا بذلك باحثين آخرين وطلبة جامعيين إلى التطرق إلى مثل هذه المواضيع.
عذراً التعليقات مغلقة