سليمان العسري يكتب : “مؤسسـة ألمگـار الطنطـان تراكـم الأخطـاء المتكـررة عامـا بعـد عـام”

Devlop Design1 يوليو 2024آخر تحديث :
سليمان العسري يكتب : “مؤسسـة ألمگـار الطنطـان تراكـم الأخطـاء المتكـررة عامـا بعـد عـام”

كواليس صحراوية : بقلم / سليمان العسري

وهكذا تنتهي أيام موسم الطنطان في نسختة الحالية السابعة عشرة (من 26 إلى 30 يونيو 2024) تحت شعار بعيد كل البعد عن الواقع الذي تعيشه المدينة (عشرون عاما من الصون والتنمية البشرية) بساحة السلم والتسامح.
وبمجرد انتهاء أيامه يتجرّد الجميع وينسلخ عن صون هذا الموروث الثقافي أو حتى المحاولة خلال أيام السنة الأخرى، مع العلم تصنيفه من طرف اليونيسكو كتراث شفهي لا مادي ، إلا إذا استثنينا المجهود الحقيقي الذي تبذله دولة الإمارات العربية المتحدة خلال السنوات الأخيرة، والتي بالفعل تساهم على مدار السنة من خلال تشجيع مربي الإبل وذلك بإقامة سباقات مختلفة منتظمة التواريخ بمدار الشيخ زايد المقام من طرفهم لذات الغاية تشجيعا منها معنويا وماديا لشباب المنطقة على الاهتمام أكثر بسفن الصحراء، وهنا لا بد من الوقوف على ملاحظة دقيقة قد لا ينتبه لها العديد من متابعي الجرائد الإلكترونية محليا وصفحات وسائل التواصل الاجتماعية والتي أصحابها يحترمون أنفسهم، تتعلق بأن أغلبها إن لم نقل جلها غيّبت تماما أثناء تغطيتها للنسخة الحالية من الموسم العبارات الشهيرة التي كانت ترددها جميعها سابقا من قبيل(موسم العهر والفسق والليالي الحمراء، موسم استغلال الإماراتيين للقاصرات والنساء من أجل المتعة الجنسية، السب والقذف في حق المنتخبين على اعتبار مساهمتهم في الوساطة والقوادة لذات الأمر…)، مما يؤكد إحدى الفرضيات: إما أن منح الجهة مؤخرا للمنابر الإعلامية لعبت دورا كبيرا في ذلك، أو هناك أظرفة من تحتها وامتيازات مقدمة من جهات عدة، قد تكون عمالة الإقليم أو المؤسسة نفسها أو رؤساء الجماعات…، وكما جاء على لسان المعلق الرياضي عصام الشوالي (فَـمَّ حَاجَـة).
فصون التراث الحساني-الصحراوي أو الحفاظ عليه لا يقتصر على تنظيم خمسة أيام من كل سنة وكفى، بل مراجعة شاملة وتقييم علمي دقيق ومؤسسة مسؤولة وديمقراطية تضم أعضاء فاعلين طوال السنة تسري في دمائهم الغيرة على هذه الثقافة المصنفة عالميا بإدارة مالية مقننة تستهدف الثقافة الصحراوية لا غير، فالكثير من الأنشطة التي تقام خلال هذا الملتقى لا علاقة لها بالموروث الثقافي الصحراوي أو بألمگار الطنطان الشيخ محمد لغظف في ستينيات وسبعينيات القرن الماضي وخاصة سهرات مغنيي ومغنيات الشعبي والدارجة و(شين السعد)…، وتُصرف على إنجازها ميزانيات ضخمة، وهذا الأمر ذكّرْنا به عدة مرات في إطار النقد (ولكن لمن تعاود زابورك يا داوود).
وحتى نظل دائما مرتبطين بشعار هاته الدورة، الصون والتنمية، فالتنمية المنشودة لم تبدأ بعد ولو بنسبة واحد في المئة، وكما موَّه رئيس المؤسسة (محمد فاضل بن يعيش) في إجاباته عن أسئلة طُرحت عليه من قبل (صحافيين) بابتسامته الماكرة، محاولا بذلك إلصاق التهمة بأبناء الإقليم كونهم السبب الرئيس في غياب التنمية دون تكليف نفسه البحث في الموضوع أكثر، لأنه ببساطة السؤال المطروح موضوعه حول دور الموسم في تنمية الإقليم ثقافيا وتراثيا وليس التنمية بشكل عام، غير أنه قام باستغباء عقول أصحاب الميكروفونات والهواتف التي كانت تتعقب أثره كل لحظة، فالطنطان لم تكن هكذا والذي عايش زمن الاعتقالات والهجمات العسكرية عليه في سبعينيات القرن سيشاطرني الرأي، إلا أن هجرة أبنائه جنوبا ونزوح العديد من ساكنة شمال المدينة إليه هو حقيقة غياب تنميتها، وكل من ولد وازداد بها يرفع الآن راية الدفاع عنها خاصة الشباب الحالي المتعطش للإكراميات و(السعاية) ومحاولة الوصول بأبشع صور استغلال المسؤولين والمنتخبين وفي فترات الانتخابات والمواسم والأزمات، والغالبية العظمى من هؤلاء النازحين يتنكرون لجذورهم وأصولهم، فكيف لهم أن يساهموا في تنميتها؟ بل العكس هو الصحيح، هم من يساهمون في عرقلة عجلة التنمية للمنتخبين وأبناء الإقليم والذين أصبحوا أقلية بأرضهم ( وهنا لا أتمنى أن يُشْتَمَّ من كلامي رائحة العنصرية)، ولكنها الحقيقة الضائعة، فهناك بموازاة تنظيم الموسم شباب أبناء الإقليم حاملي الشواهد يعتصمون بأعلى خزان الماء المقابل لبوابة المطار على مرأى ومسمع من زوار الموسم ومنظميه (تنسيقية الميثاق للمعطلين الصحراويين)، وكذا تهميش أبناء الإقليم الموسيقيين (جمعية أفراح طانطان للطرب الحساني)، فعن أي تنمية بشرية يتحدث (بن يعيش)؟ ولكي أتعاطف مع هذا الرجل سأحُلُّ محله للإجابة عن الأسئلة المتغاضى عنها، فصون التراث وتفعيل تنمية حقيقية يتطلب أولا إقامة مقر للتواصل بالمدينة ولو بموظف واحد أو عضو في المؤسسة على اعتبار الحدث عالمي، بناء معاهد أخرى نشيطة على مدار السنة تهتم بالتراث والثقافة الحسانية-الصحراوي يستفيد منها أبناء الصحراء، من جانب اللغة والموسيقى والطبخ والملبس والمسكن (الخيام) والفراش (حصاير السمر، لحنابل، لگطايف…)، إضافة للتقاليد والدين والعادات والسلوكيات…ستخلق بلا شك منافسة نافعة بين الجمعيات وعموم مستفيدي هاته المراكز والمعاهد، ويمكن أن تتطور لتنتج وتساهم في حيوية تجارية وقفزة نوعية تدر دخلا على المدينة، وبالتالي تنمية بشرية من خلال توظيف أبناء المنطقة، والأمر لا يحتاج هنا إلى ذكاء أو ميزانية ضخمة، فما دام كل سنة نشهد الرتابة والتكرار خلال أيام الموسم، فيكفي تنظيمه كل سنتين أو ثلاث أو أربع سنوات، وميزانية السنوات الأخرى تُصرف لهذه الأمور التي ذكرت.
وكإشارة أخيرة أتمنى ولو مرة واحدة تمنح فرصة لإقامة ألمگار الطنطان بإقليم آسا الزاگ، سترون وتسمعون العجب العجاب ونجاحا باهرا بجميع المقاييس، لأني أعرف هذا القوم والذي في الجهة الوادنونية مازال محافظا تماما على التراث الصحراوي من كل جوانبه، بسبب غياب الشوائب الآدمية النازحة من كل حذب وصوب، زد على ذلك طبيعة المنطقة الصحراوية وحمولتها التاريخية والجغرافية، يكفي فقط إعطاؤهم فرصة وحيدة، وستنالون أيها المسؤولون مسؤولو مؤسسة ألمگار الطنطان شرف تصحيح الأخطاء المتكررة وتجربة وحنكة حقيقيتين لإدارة هكذا مواسم قيِّمة وعالمية.

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

الاخبار العاجلة