الإعلامية “فتوتة هنون” تكتب : (حوادث السير بالداخلة.. بين تحميل المسؤولية للمجلس البلدي وتغييب دور المواطن).

11 ديسمبر 2025آخر تحديث :
الإعلامية “فتوتة هنون” تكتب : (حوادث السير بالداخلة.. بين تحميل المسؤولية للمجلس البلدي وتغييب دور المواطن).

كواليس صحراوية : بقلم الإعلامية/ فتوتة هنون

تشهد مدينة الداخلة بين الفينة والأخرى تسجيل حوادث سير مختلفة، ومع كل حادث يتكرر المشهد نفسه أصوات على مواقع التواصل، خصوصاً صفحات “البوز”، تُسارع إلى توجيه أصابع الاتهام نحو المجلس البلدي وكأنه الطرف الوحيد في الصورة لكن السؤال الجوهري الذي يطرح نفسه هو: لماذا يتم القفز دائماً على مسؤولية المواطن الذي لا يحترم قوانين السير؟ ولماذا تُختزل كل المشاكل في مؤسسة واحدة، وكأنها “المتهم الجاهز” لكل حادث يقع فم كل منظومة حضرية، السلامة الطرقية مسؤولية مشتركة والمواطنون بصفة عامة غير أن الخطاب المتداول على مواقع التواصل بالداخلة يبدو وكأنه يختار طريقاً واحداً: تحميل المجلس البلدي كامل المسؤولية، متجاهلين أن جزءاً كبيراً من هذه الحوادث ناتج عن تهور بعض السائقين أو عدم احترامهم لقوانين السير، أو الاستهتار بالسرعة داخل المدار الحضري.

فهل من العدل أن يُحاسَب المجلس على سلوك فرد اختار مخالفة القانون؟

وهل من المهنية أن نغضّ الطرف عن السائق المتهور فقط لأن الهجوم على المجلس يجلب المتابعة والبوز

تطرح هذه الظاهرة سؤالاً آخر :

هل المشكل فعلاً مع المجلس البلدي كمؤسسة؟ أم أن هناك من لديه مشكلة مع الشخص الذي يترأس المجلس، فيحوّل أي حادث إلى منصة لتصفية حسابات سياسية أو شخصية؟.

تكرار نفس الخطاب، بنفس الأسلوب، ونفس الاتهامات الجاهزة، يؤكد أن جزءاً من الانتقادات الموجهة ليست نابعة من حرص على سلامة المواطن، بل من رغبة في ضرب صورة المجلس، بصرف النظر عن الوقائع أو الأسباب الحقيقية للحادث.

حين يتحول البوز إلى مصدر رزق، يصبح كل شيء قابل للبيع حتى الكرامة ، صفحات الفيسبوك الباحثة عن التفاعل تجد في كل حادث مادة سهلة للاستغلال:

عنوان مثير، اتهام مباشر، وتلميح بأن المجلس البلدي فشل في “كل شيء”.

هكذا، دون تحقيق، دون معطيات، ودون سماع رواية الأطراف المختصة.

لكن الحقيقة أن هذه الصفحات لا تبحث عن حلول ولا عن الحقيقة، بل عن انتشار يعزز حضورها، ولو على حساب المؤسسات أو سمعة الأشخاص.

القضية أكبر من مجلس إنها ثقافة كاملة ،لا يمكن الاختباء وراء الأصابع نعم، الجماعات مسؤولة عن البنية التحتية والتنظيم، لكن لا أحد يستطيع تنظيم تهور البعض أو استهتارهم بقوانين السير.

ولا توجد جماعة في العالم مسؤولة عن قرار سائق يسابق الزمن، أو يعبر الإشارة، أو يقود بدون احترام.

إن تحميل المجلس كل المسؤولية هو تبسيط خطير، ومحاولة للهروب من حقيقة أكبر:

السلامة الطرقية تبدأ من المواطن قبل أي جهة أخرى.

إذا أردنا فعلاً معالجة ظاهرة الحوادث بالداخلة، فيجب فتح نقاش ناضج مبني على الأرقام والمعطيات، وليس على العناوين المثيرة.

يجب الاعتراف بأن المسؤولية موزعة، وأن المجلس البلدي ليس شماعة تعلق عليها كل الأخطاء، كما أن “الهجوم الشخصي” المقنّع في شكل انتقاد تقني لا يخدم لا المدينة ولا المواطن.

الكف عن الشراسة والحقد في الخطاب هو أول خطوة نحو نقاش راشد يضع مصلحة الداخلة فوق كل اعتبار.

 

الاخبار العاجلة
error: Content is protected !!