كواليس صحراوية : أحمد الأحمدي
أسدل الستار على فعاليات المعرض الجهوي للكتاب والنشر بمدينة بوجدور، المنظم تحت شعارٍ بليغٍ يلخص عمق الانتماء الوطني : «الكتاب شاهد على مسيرة ملك وشعب».
كان الموعد الثقافي مناسبةً للاحتفاء بالكلمة، بالفكر، وبالذاكرة الوطنية التي تنسج خيوطها بين دفّتي كتاب وبين نبض وطنٍ يسير بخطى ثابتة على درب البناء والنهضة.
افتتحت أمسية الختام بتلاوةٍ عطرةٍ لآياتٍ بيناتٍ من الذكر الحكيم، تلتها نغمات النشيد الوطني التي صدحت في فضاء المعرض، لتعلن انطلاق حفلٍ استثنائي جمع بين عبق الثقافة ورمزية المسيرة الخضراء.
بعد ذلك ألقى المدير الجهوي للثقافة كلمةً أكد فيها على أن الثقافة ليست ترفًا فكريًا، بل هي جوهر التنمية وعمودها الفقري، مشيرًا إلى أن مدينة بوجدور باتت اليوم مركزًا مشعًّا في الجنوب المغربي، بفضل ما تزخر به من طاقات إبداعية ومبادرات ثقافية تنبض بحب الوطن.
ثم توالت بعد ذلك فقرات الحفل، بين كلمة ممثل دار النشر الذي عرض ديوان «إسبانيا والمغرب» في إطار شراكة مع مهرجان الكتاب في نسخته الحالية، وبين عرضٍ مسرحيٍّ متميزٍ بعنوان «المسيرة الخضراء منذ انطلاقها نحو الأهداف» من أداء فرقة جمعية أكيج، جسّد بمشاهد فنية راقية ملحمة الوحدة الوطنية.
كما كان للجمهور موعد مع أغنية وطنية قدّمتها فرقة المركز الثقافي ببوجدور، مزجت بين الشجن والإباء، لتغدو أنشودة عشقٍ متجدّدٍ للوطن.
واختتم الحفل بتوزيع الجوائز على المبدعين والفاعلين الثقافيين الذين أسهموا في إنجاح هذه التظاهرة، تكريمًا لعطائهم وإيمانهم بأن الفعل الثقافي هو الوجه المضيء للتنمية المستدامة.
لقد أكّد هذا الحدث أن إقليم بوجدور، بما يمتلكه من رصيد حضاري وثقافي، قادر على أن يكون رافعة حقيقية للتنمية، ومنارةً فكريةً تسهم في ترسيخ قيم المواطنة والوحدة، في انسجامٍ تام مع روح المسيرة الخضراء التي جسّدت إرادة ملكٍ وشعبٍ في استرجاع الأرض والكرامة، ومع قرار الأمم المتحدة القاضي بالحكم الذاتي كحلٍّ واقعيٍّ يُكرّس السيادة المغربية ويصون الاستقرار الإقليمي.
في بوجدور، لا تُطوى صفحات الكتاب… بل تُفتح على المستقبل.
فكما سارت المسيرة الخضراء بخطى الإيمان والوحدة، تسير اليوم المسيرة الثقافية بخطى الفكر والإبداع.
وسيظل إقليم التحدي ببساطته وعمقه تكتب فصولًا جديدة من قصة وطنٍ يصنع تنميته بالكلمة، ويزرع الأمل بالحرف، ليبقى الكتاب شاهدًا على مسيرة ملكٍ وشعبٍ لا يملّان الحلم… ولا يعرفان التوقف.
