كواليس صحراوية : اسليمان العسري
رغم ما خلقه صدور النظام الأساسي (نظام المآسي) من إجحاف وإهانة وتراجع المكتسبات في حق موظفي وزارة التربية الوطنية وخاصة هيئــة التدريــس، مقارنة بباقي أنظمة القطاعات الأخرى (صحة، تعليم عال، عدل، مالية…)، إلا أنه حمل فرصة تاريخية مصيرية لا تحتمل التأجيل والإضاعة، فرصة قد لا تتاح في العشرين سنة القادمة أو أكثر، متمثلة في ملحمة الوحدة والتضامن بين أفراد هيئة التدريس بمختلف أسلاكه الثلاثة مشكلة قوة ضغط ضاربة، تحت شعار بارز: (الفرصة الأخيرة للشغيلة التعليمية إما أن تكون أو لا تكون، الوحدة أولا وأخيرا)، وقد ظهر ذلك جليا في الجولة الأولى (الخامس من أكتوبر الحالي) من الانتفاضة النضالية لإسقاط النظام الجديد المصادق عليه في الجريدة الرسمية بسرعة البرق، والانتقال للجولة الثانية (أسبوع الغضب، الأسبوع الأخير من أكتوبر الحالي) بوتيرة تصاعدية ونفس طويل أربك مسؤولي الوزارة الوصية ومظلتها الحكومة، والجميع يراقب وينتظر ما ستؤول إليه الأمور، خاصة وأن المفتاح بآيادي نساء ورجال التعليم الكتلة الأهم والأبرز من داخل الوزارة، وهي القائدة والمتحكمة في زمام معركة الصمود والتحدي والانتصار المقبل لإعادة هيبتها وكرامتها وقوتها، والتي كادت تلطخ بقرارات مسؤولين جهلة فاشستيين، وبرغم هاته القرارات وخرجاتهم البهلوانية إعلاميا وإشهاريا للتهليل بنظام المآسي، إلا أنهم سقطوا في متاهة زيادة طينهم بلة وتزايد جرعات الاتحاد والتماسك من قبل مكونات هيئة التدريس، الأمر الذي أصبح معه قطاع التعليم مشلولا تماما خلال هذا الأسبوع، وسيصاب لا محالة خلال الجولات القادمة بالسكتة القلبية إن تمادى مسؤولو الدولة وليس القطاع في عنادهم اللامبرر…
فإدماج أطر الأكاديميات الجهوية للتربية والتكوين في الوظيفة العمومية، وإسقاط لائحة العقوبات المفتعلة خارج نظام الوظيفة، وزيادة في الأجور إسوة بالقطاعات الأخرى، والرفع من قيمة الأرقام الاستدلالية، وإقرار التعويض عن مهام خارج مهمة التدريس الأساس، والقطع مع العمل بالساعات التضامنية، وتقديم اعتذار رسمي من الوزارة أو استقالة مسؤوليها وعلى رأسهم الوزير، أصبحت مطالب ملزمة قبل البدء بأي حوار حول الملفات الفئوية الأخرى، ردا للاعتبار واعترافا بالدور الريادي للمدرس، وخاصة وأن الوضع الحالي في صالح الشغيلة، بعدما تبين خبث ومكر الوزارة المعنية في التعاطي مع ملفات هيئة التدريس، إضافة للبيانات الصادرة من جمعيات الآباء و تحليلات أساتذة وباحثين جامعيين ومؤثرين اجتماعيين المساندة للأساتذة.
عذراً التعليقات مغلقة