كواليس صحراوية : اسليمان العسري
* الحلقـة الثالثـة : جماعـة أبطيـح
جمعت الجماعة بين متناقضات ومفارقات شتَّى، أرض شهداء الدفاع عن الوطن ويتحكَّم فيها أشخاص لا علاقة لهم بها، منطقة يسكنها أشباح على الورق وعائلاتها القاطنة المتواجدة بها والتي تُعَدُّ على رؤوس اليد الواحدة أشباح على أرض الواقع، بلدة تعيش العزلة تماما منذ زمن ولو أنها تمُرُّ منها الطريق الرابطة بين الطنطان والسمارة، إلى عهد الولاية السابقة ومواطنوها يعيشون الظلام الدامس ونُدرة المياه وغياب باحة لاستراحة المسافرين للإسهام في رواج تجاري ولو نسبيا، زيادة على غياب دائم للأعضاء عن المقر، رئيسها الحالي والسابق تربَّع على الكرسي الموروث من أخيه والذي تُوبِع في قضية إنسانية حقوقية محضة منعته من إعادة الترشح للرئاسة، رئيسها الغامض جدا والذي يصعب قراءة ملامح محياه (هل مبتسم أم عبوس؟ هل يضحك أو يبكي؟)، فضيحته الكبرى حصلت قُبَيل الانتخابات الماضية بدعم ومباركة السلطات، بحيث أَعدَّ اللوائح الانتخابية على مزاجه الغريب فقام بالتشطيب على أغلبية أسماء ناخبي الدوائر لدرجة أزاح ناخبي دائرة منافسه على الرئاسة بأكملها، مستبدلا إياهم بمُسجَّلين جدد لا صلة لهم بتاريخ وجغرافية ومعرفة المنطقة، غير آبه باحتجاحات واسعة لدى المقصيِين والتي وصل صداها وزارة الداخلية، وأعضاء الجماعة مُكبَّلِين تماما لا يستطيعون ممارسة مهامهم المنوطة بهم، ومصير ميزانية الجماعة غير معروف تماما، ولسان رئيسها يتغنَّى فقط بالمشاريع التي لم ولن تُنزَّل برغم مرور أكثر من نصف الولاية، كانت له محاولة فاشلة لتقريب الإدارة من ناخبيها (والعكس هو الصحيح) حينما حاول تحويل مقر الجماعة إلى الطريق الوطنية بالقرب من جماعة الطنطان، كما فعل أحد رؤساء إحدى الجماعات في وقت سابق، يتبجَّح في دورات المجلس الجهوي بلغة ركيكة غير مفهومة بحكم عضويته ومقابل ذلك لا يستطيع حتَّى الإنصات لهموم ساكنة الجماعة ومطالبها الأساس.
الجماعة في عهده لم تعرف لا مشاريع ولا بنية تحتية ولا شيء يُذكر، اللهم مدَّ اليد وتسهيل عملية الاستيلاء على أراضي شاسعة من الجماعة لوكالة التحفيظ العقاري ومترامين جشعين من الخواص لحاجة في نفس يعقوب، حالتها يندى لها الجبين فهي في خراب دائم أسوأ من كانت عليه في ظل الحروب التي دارت في رحاها منذ زمن، والتي خلَّفت شهداء لم يستطع الرئيس تكليف نفسه معرفتهم وإحياء ذكراهم.
عذراً التعليقات مغلقة