كواليس صحراوية : اسليمان العسري
الحلقـة الثالثـة : المنـدوب وطابـور الإذلال
سبق لصاحبنا ذو العبقرية الفذة أن أملت عليه شطحاته البهلوانية اقتراحا يبدو من الوهلة الأولى بأنه صائب تماما، فهو يرغب في تنظيم عملية استخلاص أجرة (الكارطية) من قبل المستفيدين داخل (الديبـو)، على أساس تطوير العملية بخيال علمي غير مسبوق، وذلك بتمكين كل مستفيد(ة) من بطاقة شبه بنكية، وخلق شباك إلكتروني حتَّى يخلِّصهم من خنوع وإذلال كل شهر حيث الطابور الطويل ولأيام، تقف فيه عجائز وأفراد عائلات محتاجة، في منظر مقزز وحاط من كرامة الصحراويات والصحراويبن الأحرار، ونسي أو تناسى (لجهله باستمرارية الإدارة) بأن الاتحاد المحلي (Odt) قد وقّع في محضر اجتماع مع أحد المناديب السابقين عملية التنظيم هاته بضرورة خلق شبّاكين لاستخلاص الأجرة واحد للنساء والثاني للرجال، وعلى أن الاتحاد المحلي ذهب أبعد من هذا إلى ضرورة تمكين المستفيدين من أجرتهم كاملة وبالفاصلة والسنتيم، لأنه ضبط اختلاس مبلغ كبير جدا على رأس كل شهر عن طريق جمع الدراهم والسنتيمات المتبقية بدعوى (غياب الصَّرْفْ)، وقد كانت هذه الجزئيات من بين مكتسبات الاتحاد المحلي خلال الاجتماعات المارطونية السابقة، ولكن المطلوب الآن وقبل إقدام المندوب المجنون الأفكار على تحويل خياله إلى حقيقة التمكن من المعطيات وتفكيكها، وكمثال بسيط السيد المندوب ربما يتغاضى عن كون أغلب المستفيدين(ات) تجار كبار ومسؤولين (في إطار تفعيل ممارسة السخرة والعبودية) وزوجات أغنياء وأفراد أسر غير محتاجة (لتمرير وميل أصوات الانتخابات نحو وجهات فاسدة)…وسنعود لهذا الموضوع في إحدى الحلقات القادمة، إضافة إلى أنهم يستخلصون أجورهم اللاقانونية عبر المكالمات وفي أوقات خاصة وبدون الاصطفاف داخل طابور المهانة.
فهذا أقل ما ينبغي أن يعتكف عليه مندوبنا الاستثنائي، فلابد من نشر لوائح المستفيدين(ات) وتحيينها كل شهر وغربلتها، والأكيد أن المجتمع الطنطاني بكل قواه الحية والفاعلة وعلى رأسها الاتحاد المحلي سيقف إلى جانبه وسيساعده على الأمر بكل نزاهة وديمقراطية، بدل الشطحات البهلوانية الفارغة المضمون، وممارسة (الحگرة) على المستضعفات والمستضعفين من عاملات وعمال الإنعاش الوطني.
