كواليس صحراوية : اسليمان العسري
منذ توليه مسؤولية قطاع الإنعاش الوطني بالطنطان، سارع إلى إصدار قرارات عاجلة ومستعجلة تنفي تماما صفة المسؤولية المنوط بها لعدم ارتكازه على أساليب في التسيير يمكن أن تساعده أو تنبهه للمسار الصحيح، فهو يدور داخل دائرة مفرغة وكأنه وسط حلقة سيرك، أو كأني به يزاول هواية لعبة (الضاما) المغربية الشهيرة (حيَّد لهذا البطاقة، نْقَصْ لْهَذَا، بِيعْ لْهَذَا، رد النصف لْهَذَا ، قْصِي هَذَا ، قْسَمْ بين هاذ الجوج…) لكن لوحده بعد ثبوت خلافات بينه وبين مسؤولي العمالة المدنيين حول الطريقة التي يُدار بها ملف الإنعاشيين والإنعاشيات، الأمر الذي جعل مجموعة من المقصيات والمقصيين تحت لواء الاتحاد المحلي للمنظمة الديمقراطية للشغل بالطنطان يخوضون اعتصاما بطوليا متواصلا من أمام عمالة الإقليم لأكثر من شهر، وحيث أن المجال اللحظة لا يتسع للتطرق لهذه القرارات الشاردة والتي سنعود إليها في اللاحق من الأيام، فإن ما يثير انتباهك وأنت تزور المعتصم (على الهامش) جزئيات دقيقة تتطلب الوقوف عليها، فمرة أولى أثر فيّ كثيرا موقف حضور عجوز طاعنة في السن لا تستطيع المشي تحضر مرغمة بكل ما أوتيت من قوة لتؤازر ابنها الذي تم انتزاع بطاقته وأجرته بعدما كان يستخلصها لأعوام وبانتظام مؤديا دورا إنسانيا في حفر قبور الموتى، وثانية طفل صغير يلبس
(جيلي) للمنظمة الديمقراطية للشغل يناصر أمه بعدما تمّ السطو على أجرة أبيه الإنعاشي المتوفي (رحمه الله، كان عضوا نشيطا بالأوديتي محليا)، وفي الثالثة وهي الأهم والمثيرة حقا للدراسة والتحليل لحظة إلقاء عاهل البلاد خطاب عيد العرش، وحضور المسؤولين والمنتخبين للإنصات بآذان صماء، يركبون سياراتهم الفارهة ويلبسون جلاليبهم المختلفة الألوان وبذلاتهم الأنيقة وكأنهم في وليمة، يتبخترون من أمام المعتصم دون أن يسألوا حتى، فرئيس الدولة غير مبال ولا يرغب في هكذا تجمع للجلوس والإنصات، بل يحث على الميدان وحل مشاكل المواطنين التي أستؤمنتم عليها، والدليل حجب التجمعات وحفل الولاء خلال هذه الظرفية.
فالمندوب الإقليمي استحق عن جدارة لقب شخصية 2022 بالطنطان، نظرا لتسييره الخارق للعادة، وتدخلاته الجريئة في قطع الأرزاق، إلا أنه لم يجد البيئة المناسبة لغرس أفكاره الغزيرة حيث تخلى عنه الجميع ووقع في الفخ (لأنه العسكري الوحيد داخل عمالة الإقليم)، أو لنقل عنه الرجل المناسب في المكان الغير مناسب، وخير ما ننهي به كلامنا الاستدلال بمثل شعبي (جَـا يكحّلهـا، ساعـة عْمَاهَـا)…
عذراً التعليقات مغلقة