كواليس صحراوية : اسليمان العسري
الحلقـة الخامسـة والعشـرون : النتيجـة الحتمية لتعنـت المنـدوب.
لقد أعذر من أنذر، مقولة لا يفهمها الشخص المتعنت الفاقد للأهلية في كل شيء، كما صاحبنا البهلوان، سبق وأن ذكرنا صاحب الذاكرة الضعيفة ومن يحتمي خلفهم من أشباه المسؤولين في حلقة ماضية بأنه وأنهم سيتحملون نتائج ما قد يحدث بمعتصم الكرامة لعاملات وعمال الإنعاش الوطني المنضوين تحت لواء الاتحاد المحلي للمنظمة الديمقراطية للشغل بالطنطان، لأن عامل الزمن الذي راهنوا عليه لإفشال الاعتصام لم يطاوعهم ولم ينجحوا في رسمه، حيث الأمور تدار بالعقل وإعمال القانون وإحقاق الحق، وغير ذاك مجرد أوهام تجول بخواطرهم وخاصة صاحبنا، فبتعنته وتجاهله للاعتصام في شهره الثالث لن يزيد الأمور إلا تعقيدا، ولكن أن يصل إلى حد محاولة انتحار أحد المعتصمين في غفلة ممن حوله من رفاق ورفيقات المعتصم يتطلب الرجوع بالتاريخ للوراء وتذكر حالة (الشاب الذي أضرم النار في جسده لرفض المسؤولين إعادة بطاقته الإنعاشية التي تمت مصادرتها لأسباب مجهولة)، كما يتطلب أخذ زمام القضية بجدية لأن أرواح البشر ليست لعبة بين أيدي مسؤولي الإنعاش الوطني، فالدول التي تحترم مواطنيها تقوم فيها الدنيا ولا تقعد في مثل هكذا حالات، لكن ما دمت في المغرب فلا…
ولو أننا نختلف تماما مع العامل الذي أقدم على محاولة الانتحار قلبا وقالبا، ونعمل ما بوسعنا داخل الاتحاد المحلي على التأطير النقابي والنضالي الجاد والإيجابي، لكن تكالب عوامل عدة بسبب هذا المندوب المتعنت، بداية بقطع رزقه بدون سبب وطرده بلا اعتبار للسنوات التي قضاها في القطاع بجدية وعلى أرض الميدان، مرورا بمراسلته للأميرة وتجاوبها مع حالته حيث زارته فرقة للدرك الملكي موجهة إياه لعمالة الإقليم قصد إعادته للعمل، غير أن هؤلاء طلبوا منه توقيع وثائق معينة ليطردوه بعدها، مرورا كذلك بمشاركته في الاعتصام البطولي وما صاحب ذلك من تهديد مسؤولين محليين له مرارا وتكرارا وترهيبه بدعوى أنه يضيع الوقت فقط، ختاما بإقدامه على محاولة الانتحار، كل هذا لم يحرك ساكنا لهؤلاء المسؤولين أشباه الدمى، ولكن (لمن تعاود زابورك يا داوود):
ربَّ قومٍ قد غدوا في نعمةٍ = زمناً، والدهرُ ريانٌ غدقْ
سكتَ الدهرُ زماناً عنهُمُ = ثم أبكاهم دماً حينَ نَطَقْ.
