كواليس صحراوية : اسليمان العسري
الحلقة الأولى : مصير بطائق المتوفين
عندما يكون الشخص مضطرب الأفكار، مشتت الذهن، شارد الخيال، ستصدر عنه لا محالة قرارات وإجراءات متسرعة تنعكس بالسلب على أرض واقع لا يعي جغرافيته ولا تاريخه، وما بالك إن كان هذا الشخص مسؤولا عن قطاع اجتماعي محض موجه بالأساس في إطار مبادرة ملكية للفئات الهشة من المجتمع!
هذا ما انطبق على صاحبنا المندوب، فمنذ توليه المسؤولية حاول بيأس وبانفراد نرجسي حجب عرف تمرير (كارطية) الموتى لذوي الحقوق بموجب التزام، وهو الأمر المتعارف عليه في جهات الصحراء، حيث قام بداية بمراسلات كيدية للمركز بعدد قليل جدا قصد حذف أجورهم من المصدر، ولامتصاص الغضب الذي سيحصل من ذوي الحقوق مقابل القرار يسارع بحركاته البهلوانية إلى محاولة إقناعهم بقوله (أنا غادي نعطيكم خلاص هاد الشهر غير من كرمي وجودي، واعتبروها تعزية مني…) تمهيدا لتبخر الكارطية، لكن هذه المرة انقلب عليه السحر من خلال إقصاء عدد كبير من ذوي الحقوق، ليجد نفسه اضرارا في ورطة حقيقية، فانتقل لشطحة أخرى تقسيم بطائق الموتى إلى النصف على ذوي الحقوق، فبدا كالمهرج الغير مقنع الدور، ليقابله عمال وعاملات الإنعاش الوطني باعتصام ناجح ولليوم التاسع والثلاثين، ونستدل على تخاريف مسؤولي العمالة بما يحصل في الزاك، تدوينة لأحد الأصدقاء (بشائر خير… بعض الأشخاص الذين وافتهم المنية وكانوا يستفيدون من الإنعاش الوطني تسلم ذويهم مستحقاتهم/هن التي كانت تُنهب ليل نهار…).
