كواليس صحراوية : محمد الدي
جاء فوز المنتخب المغربي بكأس العرب ليُكرس مرحلة جديدة من التألق القاري، ويؤكد أن ما تعيشه كرة القدم الوطنية ليس صدفة عابرة، بل ثمرة مشروع رياضي متكامل بدأ يؤتي ثماره على مختلف المستويات. هذا التتويج يضاف إلى سلسلة من النجاحات التي حققها المنتخب، سواء بعد اجتياز مونديال الشباب، أو التتويج بكأس إفريقيا للاعبين المحليين، في مشهد يعكس عمق العمل وقوة الرؤية.
اللافت في المسار الحالي للمنتخب المغربي هو الاستمرارية، فالأداء المتميز لم يعد مرتبطًا بجيل واحد أو بطولة واحدة، بل أصبح سمة عامة تشمل المنتخب الأول، والمنتخبات المحلية، والفئات السنية. وهو ما يجعل الحديث عن “فترة ازدهار” للكرة المغربية خلال سنة 2025 توصيفًا دقيقًا لواقع ملموس، خاصة ونحن على بُعد أيام قليلة من انطلاق كأس إفريقيا للأمم التي يحتضنها المغرب، في موعد قاري كبير يحمل آمال الجماهير وطموحات أمة كروية بأكملها.
ولا يمكن فصل هذه النجاحات عن التحول الكبير الذي عرفته الكرة المغربية منذ مونديال قطر، حيث شكل الإنجاز التاريخي باحتلال المركز الرابع عالميًا نقطة مفصلية أعادت رسم صورة الكرة الوطنية على الصعيد الدولي. هذا الإنجاز لم يكن نهاية الحلم، بل بدايته، إذ عزز الثقة في الكفاءات الوطنية، ورفع سقف الطموحات، ورسخ مكانة المغرب كقوة كروية صاعدة بثبات.
كما لعبت الفئات السنية دورًا محوريًا في هذا المسار، من خلال نتائج مشرفة وأداء تنافسي يعكس جودة التكوين والاستثمار في المستقبل. فالاعتماد على قاعدة صلبة من اللاعبين الشباب، المؤطرين وفق رؤية حديثة، جعل من المنتخب المغربي نموذجًا يُحتذى به قارياً، ليس فقط في النتائج، بل في طريقة البناء والاستمرارية.
ويبرز هنا الدور المركزي للناخب الوطني، الذي اشتغل بمنطق المدرسة وليس الحلول الظرفية، معتمدًا على هوية لعب واضحة، وانسجام تكتيكي، وروح جماعية عالية. هذه المدرسة الكروية تجد سندها القوي في أكاديمية محمد السادس لكرة القدم، التي تحولت إلى مشتل حقيقي للمواهب، ورافعة أساسية لتغذية المنتخبات الوطنية بلاعبين مؤهلين تقنيًا وذهنيًا.
إن ما تعيشه الكرة المغربية اليوم هو نتيجة رؤية استراتيجية بعيدة المدى، جمعت بين التكوين الجيد، والاحترافية في التدبير، والاستقرار التقني، والدعم المؤسساتي. ومع اقتراب كأس إفريقيا للأمم على أرض المغرب، تتجدد الآمال في أن يكون هذا الازدهار مقدمة لتتويج قاري جديد، يليق بما بلغته كرة القدم الوطنية من نضج وقوة، ويؤكد أن المغرب لم يعد مجرد مشارك، بل منافس دائم على الألقاب.











