صحراء توذوس – السمارة
تابعت ساكنة السمارة، باهتمام كبير، التصريحات الصحفية الأخيرة لكل من المنهدس مولاي براهيم الشريف، والفاعل السياسي صلوح الادريسي، اللذان يمثل كل منهما توجه وتيار معين، وذلك باعتبارها لاعبا “الديس” في هذه المقابلة الانتخابية والمصيرية التي تنتظرها مدينة السمارة في النصف الثاني من عام 2021، الذي ولا شك سيكون عام تغيير ووضع الأمور على سكتها الصحيحة أملا في الاقلاع بالمدينة نحو عقلية جديدة ورؤية تنموية أكثر تقدما وتطورا، من لدن ساكنتها، ومنتخبيها، وفاعليها، وطلبتها، ودكاترتها العازفين والكثيرين، مقارنة مع دكاترة المدن والأقاليم الصحراوية الأخرى.
ورغم التعاليق والأراء المختلفة، حول التصريحات المذكورة، يمكن القول أن الشابين تميز كل منهما بلغة خاصة به، أي الثقة مقابل التحدي، وهو ما ينم صراحة عن رغبتهما العميقة في خوض الغمار الانتخابي المقبل، بكل روح رياضية والاحتكام بآخر المطاف إلى أصوات المواطنين وإختياراتهم، فكل منهما يرى في نفسه أنه هو الحامل للمشروع الأمثل، والمكلف بمهمة التغيير والتنمية المنشودة بالسمارة بعد زلزالها السياسي والصحوة والوعي العمومي المتمثل اليوم داخل المنازل والمجالس والنقاشات اليومية للشباب والمثقفين وبقية الساكنة.
وتبقى ملفات الاستثمار، والسكن، والتشغيل، والصحة، والتعليم، وتشجيع المقاولات، والمبادرات الاقتصادية، أهم ملامح البرنامج الانتخابي للمترشحين الشابين اللذين يرى أيضا كل منهما في نفسه بأنه مرسول للتنمية سواء من طرف المواطنين، أو الحزب، أو الغيرة، أو الانتماء، أو حتى السماء، فما يميز هذه الانتخابات بالضبط هو أن متنافسيها من حملة وحفظة كتاب الله الكريم، ونظراء بعضهم من قومهم وأهلهم، ومن أفكارهم والطريقة التي يرونها لإدماج السمارة وربطها بالمسلسل التنموي للجهات الجنوبية وبركب التنمية والبرامج التأهيلية والأوراش التي أطلقها الملك محمد السادس بالمنطقة.
ومع أن المترشح صلوح، بعث رسائل وإشارات مبطنة نحو منافسه المقابل، وهذا طبعا حقه، ووجهة نظره، فهو حامل كذلك لمشروع ونموذج غير مستورد كما قال يُريد تنزيله بمعية فريقه الثلاثي، إلا أن ذلك لا يضير مولاي براهيم في شئ، ما دام هذا النموذج الذي سيعمل به هو تقليد حمدي ولد الرشيد، الذي سيكون نقطة إضافية له، فقط عسى أن يتقنه بحذافيره كما يقول معظم الفاعلين والسياسيين، حيث أن الهدف الرئيسي هو إنتشال السمارة من واقعها الحالي ومن تجربة 40 سنة من التدبير غير المعقلن والعشوائي عاشتها المدينة في إنتظار تنمية إبتعدت عنها كل ما ظنت أنها في مُتناولها، تنميةٍ أشبه بالسراب.
وبما أن المشهد الانتخابي الذي تعرفه السمارة حاليا رغم ضبابيته، مليئ بتفاصيل وجزئيات تستحق التأمل والتدبر، إلا أن مقابلتي صلوح كما الشريف، كانتا حقا ناجحتين بمعنى الكلمة، لما تخللهما من إجابات واضحة على الأسئلة الهادفة، لا سيما جواب صلوح بين الدقيقتين 30 و31، وجملته التي بدون شك أثار بها إعجاب الحاج حمدي ولد الرشيد وجعلته يرى فيه مخائيل من شبابه الباكر، علما أن كلا التصريحات قد أكملت بعضها البعض، ليس لأن إسمي صلوح والشريف لهما دلالة تتصل ب”الوَلاية” والنشأة الدينية والقرآنية، بقدر ما تعاونا بشكل عفوي وعرضي ملحوظ على تقديم التشخيص مقابل إعطاء الحلول، وطرح الاكراهات والتحديات مقابل الانتظارات والطموحات الشعبية.
وهي التطلعات التي يمكن إختصارها فعليا، إنطلاقا من الدعوات الضاجة، والأصوات المنادية بضرورة التغيير وإحداث نقلة تنموية نوعية تستهدف أولا العنصر البشري، حتى ولو أدى ذلك إلى التراجع خطوتين أو ثلاثة إلى الوراء، مقابل خطوة واحدة نحو الأمام، لأن أي رؤية تنموية واعدة ضروري أن تكون جذرية وتدريجية، وتنصب بالدرجة الأولى على تنمية الانسان السمراوي كمرحلة تأسيسية.
من أجل وبقصد تكوينه وتأهيله، أولا لإستيعاب والتعامل مع أي طفرة على مستوى التجهيزات والمرافق والمنشآت العصرية قد تعرفها السمارة مستقبلا موازاة مع خصوصيتها الثقافية والتعميرية، وهو ما لن يتأتى سوى بالانخراط جميعا إبتداء من الأن وفورا، في صناعة الأطر الاقتصادية والفكرية والعلمية ومواكبتها إنطلاقا من المرحلة الثانوية، بغاية إستثمارها مستقبلا على أساس أنهم الرافعة السحرية الوحيدة أمام السمارة ومسألتها التنموية والتدبيرية.
وعموما تعتبر تصريحات المهندس مولاي براهيم الشريف، والفاعل السياسي صلوح الادريسي، ثاني أهم نقاش سياسي وديمقراطي في تاريخ السمارة الحديث، وأول مناظرة إنتخابية من نوعها وغير مباشرة تعرفها الأقاليم الصحراوية، التي بالمناسبة تؤكد من خلالها إدارة “صحراء توذوس” على مواكبتها لهذا الاستحقاق الانتخابي والتواصل مع جميع الفرقاء داخل السمارة والعيون بما يضمن الحياد والمصداقية لأنهما سبب قوة وطول عُمر أي توجه أو منبر إعلامي.
وهذا باعتبار، أن الظرفية الحالية للاقليم تستدعي التجرد أصلا وعدم المزايدة على حزب ضد حزب، حتى ولو تطلب ذلك، مقاطعة هذه الانتخابات العابرة، وإعتزالها كليا، والوقوف منها موقف المتفرج الذي يعد بحد ذاته الحل الأمثل والأنسب، على الأقل إكراما لتدابير وإلتزامات الماضي، وتقديرا لمنجزات ومكتسبات الحاضر، وإستشرافا كذلك للمستقبل وريح الازدهار والتقدم والتغيير التي وجدتها، أو قُل ستجدها، مدينة السمارة، قريبا، لولا أن تُفندون.
عذراً التعليقات مغلقة